والخشوع الذي هو لب الصلاة ليس المقصود به معناه اللغوي وهو السكون والتذلل فقط بل المقصود بالخشوع هو اظهار السكون والتذلل مع التواضع قلبا وقالبا قلبا وقالبا ومن هنا يظهر لنا ان الخشوع في الصلاة منقسم الى قسمين ومن لم ينظر الى القسمين اخطأ في الحكم بغير ميل القسم الاول خشوع القلب وهو المعني بكونه اول مفقود في الامة خشوع القلب فسر به قول الله تبارك وتعالى قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون فاثنى الله على المؤمنين بصفات عدة بدأ باعظمها ذكرى واشرافها قدرا واعلاها مقام وهي صفة الخشوع في الصلاة الذين هم في صلاتهم خاشعون وقال علي رضي الله تعالى عنه كما روى ذلك غير واحد من المفسرين عنه في تفسير هذه الاية قال الخشوع في القلب وان تلينا كنفك للمرء المسلم وان لا تلتفت في صلاتك ففسر امير المؤمنين ابو السبطين علي رضي الله تعالى عنه الصفة الممدوحة بها المؤمنون فسرها بنوعي الخشوع الخشوع في القلب والا تلتفت في صلاتك وهذه خشوع الجوارح وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل ما الاحسان قال الاحسان ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك واذا لم يصل المسلم او المصلي الى هذه المرتبة الى هذه المرتبة من مراتب الاسلام العالية في الصلاة فلا يمكنه ان يصل فيما عداها الاحسان في الصلاة ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك والاحسان عموما هكذا لكن مبدأ الاحسان انما يتأتى بان يصلي المرء صلاة يحس فيها بانه يرى الله والحال ان الله لا يرى في الدنيا فيتذكر رؤية الله له فلا يرفع رأسه ولا يصدر منه ما يخالف معنى خشوع القلب وفي قول الله جل وعلا وقوموا لله قانتين قال غير واحد من المفسرين ومن القنوت الخشوع اذا قوموا لله قانتين اي خاشعين وفي قوله جل وعلا فله اسلموا وبشر المخبتين قال غير واحد من المفسرين المخبت هو الخاشع وخشوع القلب امر قد لا يملكه الانسان لكن هناك طرق ووسائل يجعل الانسان خاشعا في قلبه غير شارد في ذهنه يكون حاضرا ببدنه ونفسه كيف ذلك اسأل نفسك هذه الاسئلة الثلاث لتحصل خشوع القلب والذهن في الصلاة كيف سيكون حال قلبك وعقلك وشرود ذهنك مع من تحب بالله عليك لو كنت مع من تحب ايشرد ذهنك الى غيره مع ان الغير مخلوق مثلك فكيف اذا كان الله هو حبيبك كما تزعم وهو من تحب اعظم من تحب كما تدعي ان لقلبك ان يلتفت الى غيره في حضوره في الصلاة في عبادتك في الصلاة. وقد قال صلى الله عليه وسلم ان الله قبل المصلين اذا صلى وهو جل وعلا العلي الاعلى والسؤال الثاني المهم ان تسأل نفسك كيف ستكون مع من تخاف كيف سيكون حال قلبك كيف سيكون حال ذهنك مع من تخاف منه مع تعظيمك اياه وتبجيلك له والله جل في علاه احق من يخاف واحق من يعظم واحق من يجل يستغرب الانسان من بعظ الناس يدخل في الاجتماعات بل وربما يدخل في النوم ويغلق الهاتف ولا ينسى اذا دخل على وكيلنا ومديرنا ووزيرنا ان يغلق الهاتف واذا جاء الى الصلاة لا يبالي كأن شيئا لم يكن الست ستقف بعد دقائق بين يدي الله عز وجل العلم بالله تبارك وتعالى العلم بمن تقف بين يديه العلم بعظمته وكبريائه وجلاله وجماله يجعل العبد خائفا راجيا راغبا راهبا ولهذا يروى ان الحسن ابن علي سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الحسن ابن علي سبط رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ورظي الله تعالى عنهم كان اذا توظأ اصفر لونه فيقال له لم فيقول يا هذا الا تعلم بين يدي من ساقف هذه مسألة عظيمة خشوع القلب من اعظم انواع الخشوع واما النوع الثاني وهو خشوع الجوارح خشوع الجوارح في الصلاة من رأسك الى عيني رأسك الى رقبتك الى صدرك الى يديك الى ركبتيك الى قدميك هذه كلها لها خشوع قال مجاهد في قوله تعالى كما في المسند قال سيماهم كما في التفسير قال في قوله تعالى عن الصحابة سيماهم في وجوههم من السجود قال مجاهد هو الخشوع اذا نظرت اليه تجد الخشوع ظاهرا عليه في الصلاة وكان ابن مسعود رضي الله عنه اذا رأى الربيع ابن خثيم وكان من التابعين يقرأ قوله تعالى وبشر المخبتين وكان الربيع بن خسيم من اخشع الناس في صلاته وكان ابن الزبير رضي الله تعالى عنه اذا قام في الصلاة كأنه عود من الخشوع قال مجاهد وحدثت ان ابا بكر رضي الله عنه كان كذلك وكان يقول الخشوع رواه الامام احمد والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم قدوتنا في الصلاة ما كان يلتفت في صلاته خشوع قلبه امر مفروغ منه وخشوع جوارحه امر ظاهر لكل من يقتدي به صلوات ربي وسلامه عليه يقول ابن مسعود رضي الله عنه متعلما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وامرا لنا قاروا الصلاة يعني تقرروا فيها اسكنوا فيها وكان الزادان وكان زادان يصلي كانه خشبة لا يتمايل كتمايل المتمايلين ولا يراوح بين قدميه وكان مسلم ابن يسار رحمه الله يصلي كانه وتد وروي ابن الزبير وهو يصلي عند الكعبة. مع كثرة الطائفين وطائر على رأسه عمودا من اعمدة المسجد وكان عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه اذا قام الى الصلاة كأنه ثوب ملقى وقال صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه مروا ابا بكر فليصلي في الناس فقالت عائشة وصفية او حفصة يا رسول الله ان ابا بكر رجل ان ابا بكر رجل اسيف اذا قام الى الصلاة لا يكاد يسمع صوته وهذا يدل على عظيم خشوعه. السيف اي بمعنى رقيق كثير البكاء اذا كان هذا حال سلفنا الصالح فماذا عسانا ان نقول عن صلاتنا يرحم الله حالنا وجبر الله كسرنا ورفع الله عن قلوبنا واذهاننا الهموم والغموم والانشغالات التي لا تدوم ولكن العبادة هي التي تكون العبادة والخشوع في العبادة لا شك ان هذا هو سبب الخير المديم وهو يورث الجنات والنعيم